الاثنين، 24 ماي 2010

متى يتم التفكير في تصحيح أسماء الجهات؟

محمد كرم
يكاد لا يمر يوم واحد دون أن تلتقط أذناي أو تقع عيناي على استعمال مشوه للعديد من أسماء جهات المملكة. فيوم أمس فقط قرأت خبرا يهم جهة كلميم (و ليس جهة كلميم ـ السمارة كما يجب أن تنطق و تكتب بما أن الأمر هنا يتعلق بتسمية رسمية). و بكل تواضع، فقد تنبأت بحتمية وقوع هذه التشوهات منذ الإعلان عن لائحة أسماء هذه الجهات و صدورها بالجريدة الرسمية في نهاية التسعينات من القرن الماضي. فقد اتضح منذ البداية بأن عملية التسمية اتسمت بالتسرع الشيء الذي جعل الكثير من الأسماء مجرد تكرار لأسماء المدن (جهة طنجة ـ تطوان مثلا) و جعل أخرى تعطي الانطباع و كأننا أمام لائحة و ليس أمام اسم عاد (جهة الرباط ـ سلا ـ زمور ـ زعير مثلا) و جعل من بعض عناصر بعض التسميات محاولة واضحة لجبر الخواطر ليس إلا (ألا تشكل قبيلتا الشراردة و بني احسن جزءا من منطقة الغرب ؟ و نفس التساؤل يمكن طرحه بخصوص علاقة لكويرة بواد الذهب و علاقة العيون و بوجدور بالساقية الحمراء و علاقة ماسة بمنطقة سوس و علاقة مراكش و الحوز بوادي تانسيفت).

إن التسميات المعتمدة تنطوي على قدر كبير من التعقيد و لا نجد نظيرا لها في مجموع البلدان التي سبقتنا إلى تبني الجهوية كشكل من أشكال الديموقراطية المحلية من قبيل الهند و باكستان و ألمانيا و أمريكا الشمالية لذلك فإنه من الطبيعي أن يحدث باستمرار خلط بين مكونات أسماء الجهات حتى في أذهان الإعلاميين الذين يفترض فيهم ضبط الأشياء قبل تقديمها.

و لوضع أسماء مناسبة كان يكفي النظر في جغرافية الجهات المعنية أو استحضار التسميات المتداولة بشكل غير رسمي منذ مدة طويلة.

و فيما يلي لائحة بديلة أقترحها على المشرعين و أصحاب القرار العموميين كأرضية لبلورة أسماء عملية و مقبولة في ما يستقبل من الأيام و إن لم أكن من هواة تقديم الوصفات... هذا طبعا إذا ما كانت هناك رغبة في تدارك الارتباك الحاصل علما بأنه لا شيء يمنع من إعادة النظر في الأسماء الحالية ، و التاريخ مليء بعمليات التغيير التي شملت أسماء الشوارع.

و الأحياء و المناطق و المدن و الأقطار و حتى الأشخاص. و هناك أمم ذهبت إلى أبعد من ذلك فعمدت إلى تغيير علمها ونشيدها الوطني و اسم عملتها لسبب أو لآخر دون أن يكون لهذا العمل أدنى تأثير على الطابع السيادي لهذه العناصر :

1 ـ جهة البوغاز بدلا من جهة طنجة ـ تطوان (مصطلح "البوغاز" مصطلح قديم و متداول بشكل شائع ورغم ذلك فقد تم تجاهله على نحو غير مفهوم).

2 ـ جهة الريف الأوسط بدلا من جهة تازة ـ الحسيمة ـ تاونات (جغرافيا التضاريس واضحة بخصوص هذه الجهة).

3 ـ الجهة الشرقية (بدون تغيير).

4 ـ جهة الغرب بدلا من جهة الغرب ـ الشراردة ـ بني احسن.

5 ـ جهة باب الأطلس بدلا من جهة فاس ـ بولمان.

6 ـ جهة الإسماعيلية ـ تافيلالت بدلا من جهة مكناس ـ تافيلالت (مع الاعتراف بصعوبة تسمية هذه الجهة).

7 ـ جهة تادلة ـ الأطلس الأوسط بدلا من جهة تادلة ـ أزيلال (مع التحفظ بخصوص استعمال مصطلح "الأطلس الأوسط").

8 ـ جهة العاصمة بدلا من جهة الرباط ـ سلا ـ زمور ـ زعير (كما تلاحظون لا ذكر هنا للرباط بشكل حصري حتى لا يغضب السلاويون و لا ذكر لسلا حتى لا ينزعج الرباطيون و لا ذكر لقبائل زمور حتى لا تنتفض قبائل زعير و لا ذكر لقبائل زعير حتى لا تثار حفيظة قبائل زمور).

9 ـ جهة الدار البيضاء الكبرى (بدون تغيير).

10 ـ جهة الشاوية ـ ورديغة (بدون تغيير على الرغم من أن هذه التسمية تتجاهل قبائل أخرى بالجهة).

11 ـ جهة دكالة ـ عبدة (بدون تغيير على الرغم من أن هذه التسمية تتجاهل هي الأخرى قبائل أخرى بالجهة و خاصة قبائل احمر).

12 ـ جهة تانسيفت ـ تساوت بدلا من جهة مراكش ـ تانسيفت ـ الحوز (أضيف مصطلح "تساوت" للإشارة إلى إقليم قلعة السراغنة الذي يعتبر جزءا أساسيا من هذه الجهة).

13 ـ جهة سوس ـ درعة ـ آيت باعمران بدلا من جهة سوس ـ ماسة ـ درعة (مع إثارة الانتباه إلى أن الأمر هنا يتعلق بجهة فوق العادة بالنظر إلى حجمها، فهي تمتد من المحيط الأطلسي إلى الحدود الجزائرية الشيء الذي ربما سيفرض تقسيمها مستقبلا إلى قسمين خاصة عندما نعلم بأن الموقع الجغرافي لعاصمة الجهة ليس في مصلحة جزء كبير من ساكنة هذه الأخيرة).

14 ـ جهة باب الصحراء بدلا من جهة كلميم ـ السمارة ( مصطلح "باب الصحراء" ـ شأنه في ذلك شأن مصطلح "البوغاز" ـ مصطلح قديم و متداول و من المنطقي أن نعيد إليه الاعتبار).

15 ـ جهة الساقية الحمراء بدلا من جهة العيون ـ بوجدور ـ الساقية الحمراء.

16 ـ جهة وادي الذهب بدلا من جهة وادي الذهب ـ لكويرة (مع اعتماد مصطلح "إقليم الداخلة" بدلا من "إقليم وادي الذهب).

من خلال هذه الاقتراحات يتضح ما يلي:

أولا : حصر التسميات في أقل عدد ممكن من الألفاظ حتى يسهل استيعابها و حفظها و تداولها من قبل كل فئات المجتمع (جهة الساقية الحمراء و جهة وادي الذهب مثلا مع التذكير بأن هذين الإسمين ترسخا في أذهان المغاربة حتى قبل استعادة صحرائنا و بالتالي فإنه من الطبيعي جدا تكريس استعمالهما بإطلاقهما رسميا على الجهتين الوحيدتين المكونتين لهذا الجزء العزيز من وطننا دونما حاجة إلى حشوهما بعناصر زائدة).

ثانيا : الاستغناء تماما عن أسماء المدن (باستثناء اسم الدار البيضاء نظرا لوضع هذه المدينة/الجهة الخاص) و ذلك لتفادي التداخل بين ما هو مدينة و ما هو جهة.

ثالثا : اعتماد مصطلحات محايدة أمام تعدد القبائل و المدن و تنوع التضاريس (الجهة الشرقية و جهة العاصمة مثلا).

أخيرا، تجدر الإشارة إلى أنه من المستحيل أن تسع تسميات الجهات الستة عشر لكل أنهار و وديان و جبال و هضاب وسهول وقبائل المملكة، و أقصى ما يمكن عمله هو اعتماد أسماء بسيطة تنسجم مع التقطيع الجهوي الحالي الذي ارتكز على اعتبارات اقتصادية بالدرجة الأولى، و متى كان ذكر الخصائص الجغرافية أو الانتماء القبلي لا يضر ببساطة اسم الجهة و لا يشكل مصدر شعور بالغبن بالنسبة لفئة عريضة من ساكنتها فلا بأس من اعتماده (جهة الشاوية ـ ورديغة أو جهة تانسيفت ـ تساوت أو جهة الريف الأوسط مثلا).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق