الجمعة، 4 يونيو 2010

ملاحظات مهمة حول المؤتمر التاسع للجمعية المغربية لحقوق الإنسان

كثر الحديث قبل و بعد المؤتمر عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن مسارها و مواقفها و حتى الحديث عن مبادئها و أهدافها ، و الأن و بعد مضي أزيد من عشرة أيام على انتهاء أشغال المؤتمر التاسع لا زالت بين الفينة و الأخرة تظهر بعض الكتابات التي تقدح في عمل الجمعية أو في مناضيليها ، و هنا سأسمح لنفسي بالتدخل في الموضوع بعد طول صبر ، و بصفتي عضو مؤتمر في هذا الإستحقاق التنظيمي ، و سأحاول تقديم قراءة بسيطة و متواضعة تعكس موقفي الشخصي من الأحداث التي دارت رحاها في المؤتمر.
· العلمانية : شرح الواضحات من المفضحات .
بعيد المؤتمر الثامن للجمعية انطلقت تظاهرات فاتح ماي 2007 و التي كانت مرتبطة بالصيرورة النضالية التي شهدتها مجموعة من المدن قصد تحقيق المطالب الإقتصادية و الإجتماعية و على رأسها الحق في الشغل ، انتهت باعتقالات فاتح ماي 2007 وهذه المرة كانت التهمة هي" المس بالمقدسات " المقدس ليس الإله أو إبن الإله أو روح القدس أو أي اله من آلهة السماء و الأرض المقدس هنا حسب هند عروب حسب التعريف التالي (ويعد النظام السياسي المغربي نموذجا معاصرا لهذا السعي الحثيث إلى اكتساب الشرعية من السماء، علما أن السماء لا تمطر حكما. فالملكية المغربية، كملكية خليفية / سلطانية، ثيوقراطية/ مطلقة، مازالت متمسكة بدور الوساطة الرعوية، -و بصيغة أخرى- دور الراعي الأجير بين "السماء و القطيع"، فقد جاء على لسان الحسن الثاني ،أنه ليس الحسن الثاني من يتم تقديسه، إنه وريث سلالة، إنهم ينحنون، ليس أمام شخصي، ولكن أمام خط المنحدرين من نسل جدي الرسول) أو كما عاشت أوربا ماقبل الثورة الفرنسية بالتفوض الإلهي أو كما قال جعفر المنصور بعد انشاء الدولة العباسية " إنما أنا خليفة الله في الأرض " .
يقول المثل الشعبي " شرح الواضحات من المفضحات " و هذا بيت القصيد حيث يبقى مطلب العلمانية وفصل الدين عن الدولة و إزالة هالة المقدس و فصل السلطة الدينية و الدنيوية من يد واحدة أهم ارهاصات دولة الحق و القانون أهم معالم الديمقراطية ، و لهذا يبقى من الضروري على الجمعية رفع مطلب العلمانية لصبح من مبادئها و ليس فقط في بعض مقرراتها رضوخا لمطالب الأقلية الديكتاتورية ، سننتظر محطة تنظيمية لأخرى للخروج بمطلب العلمانية أكثر جرأة صونا لكرامة الإنسان المواطن و ليس الرعية .
من خلال كل هذا تبقى مطالب أقلية الأقلية بعدم اقرار مطلب العلمانية يتقاطع ليس مع كونية و شمولية حقوق الإنسان ، وليس مع إقرار كرامة المواطنين وصون أرائهم و معتقداتهم دون وصاية و رقابة على الضمير و الوجدان ، بل يتقاطع مع النظام المخزني العتيق الذي يرى في العلمانية تهديدا مباشرا لكيانه المزعوم ، و لا تعدوا أن تكون المزايدات التي شهدها المؤتمر مجرد تملقات للتقرب من المخزن لتحقيق ربما مقاعد في الإنتخابات المقبلة .
و هنا سأذكر ربما الذكرى تنفع المناضلين حول مصير الفقيد بوكرين هذا الرمز النضالي الذي رفع شعار " يكفينا مقدسات سننتزع الحريات" كيف سننتزع هذه الحريات إذا لم نطالب بصوت عالٍ بالعلمانية بدستور ديمقراطي و بإقرار الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العرب و فصل السلط و بصون حقوق الأقليات و الكرامة للجميع .
· الموقف من الصحرء : زوبعة في فنجان
ليس المهم أن تعطي الجمعية موقفا من الصحراء بقدر ما الأهم هو رصد الخروقات و الانتهاكات التي تطال الحياة اليومية هناك ، لكن إذا تأملنا المواثيق الدولية لحقوق الإنسان -ونحن ندعي بأنها مرجعيتنا في معالجة كافة الإشكالات التي تطرح علينا- نجد حق الشعوب في تقرير مصيرها ليس فقط المدني و السياسي بل حتى الإقتصادي و الإجتماعي و الثقافي ، لكن يبقى الحل الديمقراطي كحد للتوافق مع كافة المكونات إلى حدود المؤتمر التامن ، أما المزايدات التي شهدتها القاعة حول هذه القضية كان بإمكان الأكثرية الحسم فيها بالتصويت و إخراج أي قرار مادام التفوق العددي واضح . لكن الحكمة و الخبرة النضالية حالت دون الذهاب في هذا المنزلق لسبب بسيط وهو أن الجمعية لا تتخذ مواقفها إنطلاقا من التصويت العددي المباشر (و إن كنا في محطة تنظيمية ) و هنا سأذكر بعدة مواقف تريتت فيها الجمعية قبل الحسم فيها ، من قبيل الأمازيغية ( أكثر من عشرين سنة من النقاش و الندوات الفكرية ...) العلمانية ( أكثر من سبع سنوات من النقاش و الندوات الفكرية و العروض ). فلا يمكن حسم الموقف من الصحراء في أقل من سبع ساعات داخل المؤتمر ، و إن كان هذا النقاش سيدفع الجمعية مستقبلا من أجل تعميق البحث و الرصد و تعرية الخروقات التي تتم هناك كما يجب عليها تنظيم لجنة لزيارة تندوف للوقوف على حقيقة ماجرى و إزالت الغموض و كسر كل المزايدات السياسوية .
· الموقف من الحريات الفردية .
لقد طفى على السطح خلال السنوات الأخيرة نقاش حول الحقوق الفردية ( المثليين – حرية العقيدة – حركة مالي – حرية شرب الخمر ...) و هنا لن أذكر بألف باء حقوق الإنسان و لن أذكر بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان و مرجعيتنا الكونية و الشمولية . بل سأذكر بما حدث بمدينة القصر الكبير خلال حفل المثليين وما رافق ذلك من تهييج سياسوي للرأي العام و ما تعرضت له بعض العائلات من مضايقات و اعتداءات و تمييز فقط لأن أحد أبنائها مثلي الجنس ومن هنا كان لزاما على الجمعية أن تتدخل لتوضح موقفها من هذه القضية .
أما المزايدات التي كانت خلال المؤتمر كانت صادمة حول هذا الملف حيث وصلت الإدعاءات على الجمعية و الإفتراء بتحميل الجمعية لمواقف حتى جمعية كيف كيف لم تتبناها بعد.
· ملاحظة حول التصويت على التقريرين الأدبي و المالي
كان جليا أن الأوضاع مشحونة و الوجوه صفراء شاحبة كأن الموت سيتلقفها و شرارات الغضب بادية في الوجوه التي تنتظر بدء العد العكسي للتصويت على التقريرين.
كما كان ملاحظا هو غياب بعض من كان يمثل أقلية الأقلية في المكتب المركزي السابق في المنصة تم هناك من وقف بعد تقديم التقريرين ليتبرأ منهما وأن لا دخل له في ذلك التقرير بالرغم من أنه عضو المكتب المركزي .
هذا الموقف صحيح مائة في المائة %
إخوتي الأعزاء هذا صحيح أنتم لم تشاركو المكتب المركزي تلك الفلقة التي لحقتهم من زبانية العنيكري أمام البرلمان ( لأن منكم من هو مع المقدس و ضد العلمانية ) لم تشاركوه في التطور الكمي و النوعي للمنخرطين لم تشاركوه تطور الفروع ولم تشاركوه المكتسبات التي تم انتزاعها ، و حتى لا أكون مجحفا لم تشاركه فقط في السنة و نصف الأخيرة و هذا واضح من خلال تغيباتكم عن الإجتماعات المركزية . لذا من حقكم أن تتحفظوا على هاته التقارير ، فموقفكم صحيح
· ملاحظة حول قيادي الجمعية.
لقد كثر الحديث أن مناضلي الجمعية يقدس قيادييه و هذا من خلال بعض الكتابات الصفراء المنتشرة في الأنترنيت أريد أن أوضحا أمرا :
من تربى في الجمعية و شرب من لبن حقوق الإنسان لا يقدس و لا يسجد و لا يبجل أي شخص لكنه، يحترم كل الرموز التي تضحي بالغالي و النفيس من أجل إقرار حقوق الإنسان ، كل الرموز التي كرست حياتها من أجل خدمة الجمعية فتحية عالية لكل قيادات الجمعية و على رأسهم القيادة النسائية خديجة الرياضي و المناضل الحر أمين عبد الحميد و بن عبد السلام.... و اللائحة تطول .
· ملاحظة حول شباب الجمعية .
في البدء الأدانة لكل المداخلات التي صورت الشباب على أنه لا يفقه في حقوق الإنسان شيء مجرد أدوات انتخابية و أشياء يتم ملء القاعة بها ، الشباب هو من سيحمل الشعلة بل حملها بالفعل لأن الجمعية تبنت النضال الجماهري، تبنت الإنغراس مع الجماهير في الأحياء الشعبية و الأسواق و القرى و البوادي وبين العمال و المعطلين و هذا من تخصص الشباب المكافح .
وفي الختام أعتبر بأن الجمعية في سباق طويل لإقرار حقوق الإنسان، في مارطون حقوقي جماهيري لذا فكل من يشعر بالتعب إما أن يجلس ليستريح أو ليلتفت إلى اليمين خارج ساحة في قاعة الإنتظار.
ملحوظة : هذه الأفكار تعبر عن مواقفي الشخصية بصفتي مؤتمر
زكرياء الساحلي عن فرع القصر الكبير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق