بعد الندوة الأكاديمية بطنجة والتي كان موضوعها"موقع الجهوية السياسية في الإصلاحات السياسية والدستورية بالمغرب"المنظمة بتاريخ 17/04/2010 واستكمالا لبرنامج الندوات العلمية والأكاديمية حول موضوع الجهوية السياسية بالمغرب،نظم المنتدى المتوسطي من أجل المواطنة،ندوة حول موضوع "الخصوصيات السوسيو ثقافية والتاريخية والأنتروبولوجية للمنطقة الشمالية/الريف".
افتتحت أشغال الندوة بكلمة للمنتدى المتوسطي من أجل المواطنة،ركزت على السياق العام الذي تأتي في ظله هذه الندوة على اعتبار أنها إحدى الحلقات ضمن سلسلة من الندوات يبتغي من خلالها المنتدى صياغة رؤية عامة وشاملة ،حول الجهوية السياسية،كنظام حكم يؤمن الانتقال من الدولة المركزية إلى دولة ألأوطونوميات الجهوية.
بعدها تناول الكلمة الأستاذ بلا أشمال ،للإجابة من خلال مداخلته عن سؤال وضعة عنوان مداخلته"هل مناك خصوصية ثقافية في الشمال؟
وانطلاقا من منهجية التحديد المفاهيمي،عمل على تحديد ومناقشة،مفهوم الشمال ،الخصوصية الثقافية…لينتقل بعد ذلك لتفصيل وتشريح إشكالية التعدد والوحدة وليخلص إلى وجود وحدة في الشمال بصيغة التعدد انطلاقا من أن هذه الوحدة نتاج تلاقه المكونات الشمالية الريفية ،والجبلية والمورسكية واليهودية والداخلية التي امتزجت عبر فترات من الزمن لتعطي في نهاية ألأمر خصوصية شمالية ترتكز على.
1- خصوصية الانفتاح والتلاقح.
2- خصوصية التوحد لا التجزئة.
3- خصوصية العطاء لا التلقي.
المتدخل الثاني الدكتور محمد بن عبود،جعل من " الخصوصيات المعمارية لمنطقة الشمال_تطوان نمودجا_"عنوان مداخلته التي تطرق فيها خمسة محاور.
1- مدينة تطوان العتيقة.
2_ بعض مشاريع الترميم.
3_ الجهوية وضرورة الإصلاح الإداري
4- مشاريع خاصة ومتعددة بالمدينة القديمة.
5-استنتاجات وخلاصات.
وقد تطرق للظروف،والمراحل التاريخية،لتأسيس وإعادة بناء مدينة تطوان،والظروف السياسية المصاحبة لها في كل فترة من تاريخ تعميرها.كما وضح خصوصيات وتميز البناء والتعمير، باعتماده على المواد الأولية المحلية،والشبيهة بالمواد المستعملة في الأندلس في المرحلة الأولى،وإدخال الحديد،والزليج في الرحلة الثانية،وعدم وجود ارتفاع على مستوى علو البناء،فضلا عن وجود التقسيم الثلاثي(السوق،المكان الخاص للحرفيين والمهن،المنازل السكنية)...واستفاض في شرح مميزات الأبراج والأقواس والأسوار غيرها من أشكال البناء، ومظاهر التطور المعماري فيها من مرحلة تاريخية إلى أخرى...وهي نفس خصائص مدينة شفشاون وهما المدينتين المتأثرتين بخصوصية أندلسية من جهة،وخصوصية شمالية ذات تجليات متعددة ساهمت العناصر الريفية،واليهودية،والجزائرية،رسم إطار خصوصيتها العام.بأركانه الثلاث ،التنوع ،التعدد،الوحدة.
وليتحدث المتدخل عن مساهماته الأكاديمي ،أومن خلال مساهماته في العمل المدني،في القيام بالعديد من المشاريع للتدخل من أجل صيانة بعض المآثر،وحفظها،وصولا إلى إقناع الجهات المعنية باعتبار مدينة تطوان العتيقة إرثا تراثيا وطنيا .وارتباطا بالصعوبات التي تعترض الأكاديمي والفاعل المدني المهتم بهذا المجال،خلص إلى أنه لا يمكن بناء جهوية دون إصلاحات إدارية جوهرية ،تمس طبيعة الصلاحيات ،والسلطات وتأهيل العنصر البشري من داخل مختلف الإدارات المغربية المركزية والمحلية.
المداخلة الثالثة وهي قراءة للأستاذ عبد الهادي أمحرف في كتاب"بلاد الكيف الاقتصاد والسلطة عند أهل كتامة والريف" لمؤلفه خالد منى.
والذي تطرق فيها إلى الأسباب التي أصبحت معها المنطقة الموجودة في قلب الريف،متخصصة في زراعة الكيف.وكيف تطورت هذه النبتة من مادة هامشية إلى مادة تذر أرباحا مهمة .
وليعرج على تفاصيل مرتبطة بتاريخ الزراعة والإنتاج،وتأثير هذه المادة في النسيج السوسيو اقتصادي والثقافي لأهل الريف في مراحل تاريخية مختلفة ،قبل الاستعمار وفي ظل الجمهورية الريفية، وفي المرحلة الاستعمارية،وبعدها .
ليخلص إلى صعوبة القول بأن زراعة الكيف هي ظاهرة ترتبط بالظروف الاقتصادية فقط، وإنما هي شكل من الأنماط السوسيو ثقافية أيضا،عملت بعض الزوايا على رعايتها.
الأستاذ عبد العزيز أشهبار.
وكانت مداخلته حول"التدين الشعبي في شمال المغرب،ومسالة تعريب أهالي الشمال"
اعتبر الأستاذ اشهبار أن الحديث عن الخصوصية مرتبط بالاعتراف والتعرف.الاعتراف بوجود خصوصيات لهذه المنطقة،وأهلها ولا والتعرف عن هذه الخصوصية.ويستلزم ذلك شرطين وهما الإنصاف والتصالح في حالة منطقة الريف الممتدة من المحيط إلى ملوية.
كان هذا استهلالا لا بد منه قبل الحديث عن التدين الشعبي،الذي يشمل عموم القيم والمتمثلات الدينية الكامنة، وأشكال ممارساتها،والتي تأثرت بأشكال وأحداث ومعتقدات وثقافات تاريخية، قبل دخول الإسلام للمنطقة، وعن شكل الانتشار الأفقي للإسلام،والتمييز بين الإسلام الشعبي والإسلام الرسمي.ووقف عند أهمية الدفاع عن الخصوصية في كل المجالات ،خاصة بعد فشل نزعة العولمة الثقافية،وبروز الحركات المدافعة عن تغليب الخصوصية والمحلي والرؤى المتعددة للعالم،وتطرق إلى الكاتب الاسباني أنجيلو كرلي الذي ترجم الأستاذ كتابهن والذي حلل فيه الشخصية الريفية/الشمالية ومفسرا لأعرافهم وتقاليدهم الخاصة،وتعاملهم مع الاختلاف حتى بين الرأي الفردي ضد الجماعة، وتدينهم الشكلي.
والمراحل المختلفة للتعريب بالشمال ،وأسباب صمود اللغة الريفية،رغم مساهمة العديد من العوامل في التعريب من أهمها الدين والأسر الشريفة،إلا أن الصيغة الفوقية والتدريجية للتعريب منحت اللغة الريفية إمكانية الاستمرارية والصمود.
المناقشة:
أبدى المتدخلون ملاحظات حول منهجية تناول الخصوصيات الثقافية في غياب المقاربة العلمية الأكاديمية، وإثارة مسألة العرق والشك، بدل الانطلاق من مجالات سوسيولوجية ،سياسية، وتاريخية.وطرح الجهوية بخصوصياتها القائمة بذاتها ،والابتعاد عن الجهوية الحالية التي دافعها الأساسي الهاجس الأمني.
تم التساؤل حول مفهوم الشمال والريف،ودور المخزن في إسكات الحس المشترك ، وعدم الإشارة إلى دور القبيلة في الحفاظ على الخصوصيات الثقافية واللغوية بالمنطقة.
كما أن غياب العصبية لا يقلل من خصوصية الشمال، لان ما يجمعه كوحدة ثقافية ،وجغرافية ،ضمن مجتمع مغربي ،يسنده التاريخ المشترك والمواجهات في رد الأطماع الخارجية وما تعرضت له الجهة من تهميش من طرف المركز،أما التنوع الثقافي فهو ميزة يجب الاعتزاز به و يشكل أعمدة ثقافتنا. فالتنوع داخل الريف معرضا للصيرورة والتنوع.فلماذا لا يكون التعاطي معه عقليا أخلاقيا؟ويتم تناول الهويات السوسيو ثقافية ،والتاريخية ،عوض الخوض في العرقي؟
فالهوية غير ثابتة وإذا ما اعتبرناها كذلك فإننا سنتقهقر إلى الوراء ،فالهوية تختلف عن الخصوصية بحمولتها الفلسفية وطبيعتها الجوهرية ،وللإجابة عن العديد من الأسئلة المثارة حول الخصوصية الثقافية للشمال يكفي الرجوع إلى العديد من الكتب والدراسات حول الموضوع.
وتم التأكيد على إغفال الخاصية المشتركة لسكان الجهة أواخر القرن 19 وبداية القرن 20 في التصدي للأجنبي وسيادة روح المقاومة والتوق إلى الحرية،واستقلالها عن المركز،والتفاف سكانها حول عبد الكريم الخطابي،مما أدى بها إلى دفع ثمن ذلك من قمع وتهميش أجبر أهلها على الهجرة المكثفة.
كما أغفلت دراسة تأثير زراعة الكيف في البنيات الثقافية، والاجتماعية،و ظهور فئة مرتبطة بهذه الزراعة ساهمت في انقلاب القيم .وتم التساؤل حول مصداقية ومرجعية تحريم عبد الكريم الخطابي لهذه الزراعة . ولماذا تم اختيار الشمال لزراعة الكيف؟ولماذا يربط الريف دائما بالريفوبيا ،والجوع، والتهميش؟
وتم التنبيه إلى عدم حديث المتدخلين عن اقتصاد الجهة رغم أهميته، باستثناء زراعة الكيف.
واعتبر التدين الشعبي (الأنطربولوجية الدينية)وكيفية ممارسة المجتمع له بإضافات دائمة وبصمات شعبية،تختلف عن دين النصوص شيئا طبيعيا، مادام أغلبية المصلين مثلا لا يعرفون انتمائهم المذهبي.ولا يمكن الحديث عن تعدد ديني، مادام الإسلام واحد.وتم الترحيب بالمكون الأمازيغي للهوية فيما تم التنبيه إلى كيفية التعامل مع المكون اليهودي حتى لا يستغل للتطبيع مع الصهاينة. وعن التعريب وأساليبه والذي أدى إلى حرمان العديد من المواطنين بالشمال ،من استعمال لغتهم الأم،تم التساؤل عما إذا كان ذلك عنوانا لصراع ثقافي.وتم التشديد على رفض استعمال كلمة البربر عوض الأمازيغ
وحول المخاطر المحدقة بالمآثر والمعمار بالجهة،بشكل عام تمت إثارة مسؤولية المؤسسات المنتخبة وطبيعتها ودورها،عن التدبير المفوض،أما الشركات مثل أمانديس فهي تستغل نشاطها من ا جل الربح بالدرجة الأولى.ولا يهمها في شيء المآثر والتراث بشكل عام .
وأثير دور الجامعة في التعريف بمجموعة التراث بكلية تطوان،واستثمار إمكانياتها خارج الجامعة،و مصير بعض المشاريع بالمدينة(مشروع الغرسة الكبيرة).
الردود
د.أشهبار
أثار مسالة التخوف من الثقافة اليهودية،وربطها بالتطبيع،واستدل بمقولة يهودي مغربي من طنجة شوري كان يرفض ارتباط مصالح اليهود بالمستعمر،وهجرتهم بعد خروجه.فهؤلاء مجبرون على التفكير في العودة إلى بلدهم.وأكد أن الآلاف من اليهود المغاربة من أبناء الشمال بالقارة الأمريكية يناقشون ما نناقشه نحن الآن.ففي التراث الأمازيغي هناك نصوص تاريخية، بكتابة عبرية،فالتصالح مع التراث،يعني الإقرار بالتعدد داخل الوحدة.
ولم يرى حرجا في استعمال كلمة بربر للدلالة على الأمازيغ واستدل باستعمالها من طرف العديد من الكتاب والباحثين الأمازيغ مثل ابن خلدون.
ووضح بان المقصود بالتدين الشعبي هو الوعي الذي يتمثله المواطن الريفي من حيث التدين،وهو طبقات ترسبت عبر حضارات مختلفة مثل تقديس الجن،والأشجار، وينابيع المياه، التي ينظر إليها الإسلام كبدع، والوشم المستساغ و المنتشر بالريف رغم تحريمه من طرف الديانات السماوية. وتميزت الزوايا في شمال المغرب بإعطاء الولاية للمرأة عكس الزوايا في المشرق،فهناك العديد من المزارات لصالحات في العديد من المناطق الشمالية كما أن المغرب بصفة عامة شهد انتشار مذاهب إسلامية تختلف عن المذهب الرسمي الحالي وتساءل عن أي شكل تدين نريد.إذ عندما نتحدث عن خصوصيات الشمال نتحدث عن الخصوصية الدينية.
أما عن المقاومة بالشمال فهي ضاربة في القدم،تشتد كلما كان هناك تهديد خارجي،ومنها مقاومة أواخر القرن 19 وبداية 20 .ورفض استعمال كيان ريفي لأن هذه التسمية تحيل على الفرض بالقوة.واعتبر التعددية داخل الخصوصية الجهوية تعطي إمكانية الاختلاف ،لكن مع ضرورة وجود الحرية الفكرية.
د بن عبود.
في معرض رده أوضح بان هناك عدة محاولات للبحث وتقديم تراث مدينة تطوان العتيقة ،من خلال منشورات وأقراص مدمجة ومواقع الكترونية.وقد تم على المستوى الأكاديمي إحداث ماستير للتراث له صيت عالمي ،وتخرج العديد من الموظفين ساهم في المحافظة على التراث وإعطائه الأهمية التي يستحقها،إلا أنه لازال هناك نقص في التعاطي معه من طرف المسؤولين،وضعف الاهتمام بالعديد من المشاريع التراثية،كعدم تدشين متحف الفن المعاصر،وغياب التنقيب في العديد من المواقع الأثرية ودعا إلى مساهمة المجتمع المدني ،وإشراكه في صون تراثه والدفاع عنه والى إصلاح إداري وتغيير المسؤولين الذين انتخبوا من أجل التغيير.فالتراث بشكل عام ،والمعماري بشكل خاص بالشمال له مميزاته عن المناطق الأخرى ،فالزليج الشمالي القديم مثلا ،يختلف عن الفاسي رغم مصدرهما الأندلسي وعن أي زليج آخر،في المغرب من حيث الأحجام ،والأشكال،والألوان،وطبيعة التحضير...
ذ أشمال
أشار إلى أن مداخلته جاءت من أجل إثارة الأسئلة حول الخصوصية الثقافية، أكثر منها إجابات،وأن طرح السؤال بشكل جيد يفيد كمدخل أساسي للبحث عن الإجابات وكدافع ضروري للتنقيب في الخصوصية ،وإمكانية وجودها،وتوفر شروطها.
د.أمحرف
أكد على أن زراعة الكيف بالجهة أدى إلى تحولات في جميع الجوانب،كالتمثلات الثقافية ،فهناك أدب شعبي مرافق لظهور النبتة ،وتطورها، وأمثلة شعبية مرتبطة بها،وتغير في القيم كالعملية التضامنية(التويزة)التي أدمجت في عملية زراعة الكيف وجمعه والذي لم تكن له أهمية اقتصادية تذكر في البداية، إذ كان يقايض بمواد استهلاكية أخرى،إلا أن ظهور الأداء النقدي في الأجر، والذي لم يكن متداولا قبل دخول الاستعمار الاسباني، سيبرز معه مصالح شخصية وفردية قضت على قيم التضامن خاصة بعد استخراج الشيرا من نبتة الكيف،وظهور طبقة من المتاجرين فيها راكمت رؤوس أموال استثمرتها في مناطق أخرى خاصة بالمدن.وعن تحريم هذه النبتة من طرف عبد الكريم الخطابي فقد استند فيها إلى روايات شفوية فقط،،أما اختيار الريف لزراعتها فان الظروف المناخية والطبيعية هي المسؤولة عن ظهور النبتة بالمنطقة.
واعتبر الربط بين الريف والتهميش والإقصاء،هو وصف لواقع موجود بدأ مع الاستعمار الاسباني الذي هو أصلا استعمار متخلف ،واستمر ذلك ما بعد الاستقلال في إطار سياسة العقاب الجماعي،وهناك اعتراف رسمي بذلك ومحاولات التعويض عن فترات التهميش.
افتتحت أشغال الندوة بكلمة للمنتدى المتوسطي من أجل المواطنة،ركزت على السياق العام الذي تأتي في ظله هذه الندوة على اعتبار أنها إحدى الحلقات ضمن سلسلة من الندوات يبتغي من خلالها المنتدى صياغة رؤية عامة وشاملة ،حول الجهوية السياسية،كنظام حكم يؤمن الانتقال من الدولة المركزية إلى دولة ألأوطونوميات الجهوية.
بعدها تناول الكلمة الأستاذ بلا أشمال ،للإجابة من خلال مداخلته عن سؤال وضعة عنوان مداخلته"هل مناك خصوصية ثقافية في الشمال؟
وانطلاقا من منهجية التحديد المفاهيمي،عمل على تحديد ومناقشة،مفهوم الشمال ،الخصوصية الثقافية…لينتقل بعد ذلك لتفصيل وتشريح إشكالية التعدد والوحدة وليخلص إلى وجود وحدة في الشمال بصيغة التعدد انطلاقا من أن هذه الوحدة نتاج تلاقه المكونات الشمالية الريفية ،والجبلية والمورسكية واليهودية والداخلية التي امتزجت عبر فترات من الزمن لتعطي في نهاية ألأمر خصوصية شمالية ترتكز على.
1- خصوصية الانفتاح والتلاقح.
2- خصوصية التوحد لا التجزئة.
3- خصوصية العطاء لا التلقي.
المتدخل الثاني الدكتور محمد بن عبود،جعل من " الخصوصيات المعمارية لمنطقة الشمال_تطوان نمودجا_"عنوان مداخلته التي تطرق فيها خمسة محاور.
1- مدينة تطوان العتيقة.
2_ بعض مشاريع الترميم.
3_ الجهوية وضرورة الإصلاح الإداري
4- مشاريع خاصة ومتعددة بالمدينة القديمة.
5-استنتاجات وخلاصات.
وقد تطرق للظروف،والمراحل التاريخية،لتأسيس وإعادة بناء مدينة تطوان،والظروف السياسية المصاحبة لها في كل فترة من تاريخ تعميرها.كما وضح خصوصيات وتميز البناء والتعمير، باعتماده على المواد الأولية المحلية،والشبيهة بالمواد المستعملة في الأندلس في المرحلة الأولى،وإدخال الحديد،والزليج في الرحلة الثانية،وعدم وجود ارتفاع على مستوى علو البناء،فضلا عن وجود التقسيم الثلاثي(السوق،المكان الخاص للحرفيين والمهن،المنازل السكنية)...واستفاض في شرح مميزات الأبراج والأقواس والأسوار غيرها من أشكال البناء، ومظاهر التطور المعماري فيها من مرحلة تاريخية إلى أخرى...وهي نفس خصائص مدينة شفشاون وهما المدينتين المتأثرتين بخصوصية أندلسية من جهة،وخصوصية شمالية ذات تجليات متعددة ساهمت العناصر الريفية،واليهودية،والجزائرية،رسم إطار خصوصيتها العام.بأركانه الثلاث ،التنوع ،التعدد،الوحدة.
وليتحدث المتدخل عن مساهماته الأكاديمي ،أومن خلال مساهماته في العمل المدني،في القيام بالعديد من المشاريع للتدخل من أجل صيانة بعض المآثر،وحفظها،وصولا إلى إقناع الجهات المعنية باعتبار مدينة تطوان العتيقة إرثا تراثيا وطنيا .وارتباطا بالصعوبات التي تعترض الأكاديمي والفاعل المدني المهتم بهذا المجال،خلص إلى أنه لا يمكن بناء جهوية دون إصلاحات إدارية جوهرية ،تمس طبيعة الصلاحيات ،والسلطات وتأهيل العنصر البشري من داخل مختلف الإدارات المغربية المركزية والمحلية.
المداخلة الثالثة وهي قراءة للأستاذ عبد الهادي أمحرف في كتاب"بلاد الكيف الاقتصاد والسلطة عند أهل كتامة والريف" لمؤلفه خالد منى.
والذي تطرق فيها إلى الأسباب التي أصبحت معها المنطقة الموجودة في قلب الريف،متخصصة في زراعة الكيف.وكيف تطورت هذه النبتة من مادة هامشية إلى مادة تذر أرباحا مهمة .
وليعرج على تفاصيل مرتبطة بتاريخ الزراعة والإنتاج،وتأثير هذه المادة في النسيج السوسيو اقتصادي والثقافي لأهل الريف في مراحل تاريخية مختلفة ،قبل الاستعمار وفي ظل الجمهورية الريفية، وفي المرحلة الاستعمارية،وبعدها .
ليخلص إلى صعوبة القول بأن زراعة الكيف هي ظاهرة ترتبط بالظروف الاقتصادية فقط، وإنما هي شكل من الأنماط السوسيو ثقافية أيضا،عملت بعض الزوايا على رعايتها.
الأستاذ عبد العزيز أشهبار.
وكانت مداخلته حول"التدين الشعبي في شمال المغرب،ومسالة تعريب أهالي الشمال"
اعتبر الأستاذ اشهبار أن الحديث عن الخصوصية مرتبط بالاعتراف والتعرف.الاعتراف بوجود خصوصيات لهذه المنطقة،وأهلها ولا والتعرف عن هذه الخصوصية.ويستلزم ذلك شرطين وهما الإنصاف والتصالح في حالة منطقة الريف الممتدة من المحيط إلى ملوية.
كان هذا استهلالا لا بد منه قبل الحديث عن التدين الشعبي،الذي يشمل عموم القيم والمتمثلات الدينية الكامنة، وأشكال ممارساتها،والتي تأثرت بأشكال وأحداث ومعتقدات وثقافات تاريخية، قبل دخول الإسلام للمنطقة، وعن شكل الانتشار الأفقي للإسلام،والتمييز بين الإسلام الشعبي والإسلام الرسمي.ووقف عند أهمية الدفاع عن الخصوصية في كل المجالات ،خاصة بعد فشل نزعة العولمة الثقافية،وبروز الحركات المدافعة عن تغليب الخصوصية والمحلي والرؤى المتعددة للعالم،وتطرق إلى الكاتب الاسباني أنجيلو كرلي الذي ترجم الأستاذ كتابهن والذي حلل فيه الشخصية الريفية/الشمالية ومفسرا لأعرافهم وتقاليدهم الخاصة،وتعاملهم مع الاختلاف حتى بين الرأي الفردي ضد الجماعة، وتدينهم الشكلي.
والمراحل المختلفة للتعريب بالشمال ،وأسباب صمود اللغة الريفية،رغم مساهمة العديد من العوامل في التعريب من أهمها الدين والأسر الشريفة،إلا أن الصيغة الفوقية والتدريجية للتعريب منحت اللغة الريفية إمكانية الاستمرارية والصمود.
المناقشة:
أبدى المتدخلون ملاحظات حول منهجية تناول الخصوصيات الثقافية في غياب المقاربة العلمية الأكاديمية، وإثارة مسألة العرق والشك، بدل الانطلاق من مجالات سوسيولوجية ،سياسية، وتاريخية.وطرح الجهوية بخصوصياتها القائمة بذاتها ،والابتعاد عن الجهوية الحالية التي دافعها الأساسي الهاجس الأمني.
تم التساؤل حول مفهوم الشمال والريف،ودور المخزن في إسكات الحس المشترك ، وعدم الإشارة إلى دور القبيلة في الحفاظ على الخصوصيات الثقافية واللغوية بالمنطقة.
كما أن غياب العصبية لا يقلل من خصوصية الشمال، لان ما يجمعه كوحدة ثقافية ،وجغرافية ،ضمن مجتمع مغربي ،يسنده التاريخ المشترك والمواجهات في رد الأطماع الخارجية وما تعرضت له الجهة من تهميش من طرف المركز،أما التنوع الثقافي فهو ميزة يجب الاعتزاز به و يشكل أعمدة ثقافتنا. فالتنوع داخل الريف معرضا للصيرورة والتنوع.فلماذا لا يكون التعاطي معه عقليا أخلاقيا؟ويتم تناول الهويات السوسيو ثقافية ،والتاريخية ،عوض الخوض في العرقي؟
فالهوية غير ثابتة وإذا ما اعتبرناها كذلك فإننا سنتقهقر إلى الوراء ،فالهوية تختلف عن الخصوصية بحمولتها الفلسفية وطبيعتها الجوهرية ،وللإجابة عن العديد من الأسئلة المثارة حول الخصوصية الثقافية للشمال يكفي الرجوع إلى العديد من الكتب والدراسات حول الموضوع.
وتم التأكيد على إغفال الخاصية المشتركة لسكان الجهة أواخر القرن 19 وبداية القرن 20 في التصدي للأجنبي وسيادة روح المقاومة والتوق إلى الحرية،واستقلالها عن المركز،والتفاف سكانها حول عبد الكريم الخطابي،مما أدى بها إلى دفع ثمن ذلك من قمع وتهميش أجبر أهلها على الهجرة المكثفة.
كما أغفلت دراسة تأثير زراعة الكيف في البنيات الثقافية، والاجتماعية،و ظهور فئة مرتبطة بهذه الزراعة ساهمت في انقلاب القيم .وتم التساؤل حول مصداقية ومرجعية تحريم عبد الكريم الخطابي لهذه الزراعة . ولماذا تم اختيار الشمال لزراعة الكيف؟ولماذا يربط الريف دائما بالريفوبيا ،والجوع، والتهميش؟
وتم التنبيه إلى عدم حديث المتدخلين عن اقتصاد الجهة رغم أهميته، باستثناء زراعة الكيف.
واعتبر التدين الشعبي (الأنطربولوجية الدينية)وكيفية ممارسة المجتمع له بإضافات دائمة وبصمات شعبية،تختلف عن دين النصوص شيئا طبيعيا، مادام أغلبية المصلين مثلا لا يعرفون انتمائهم المذهبي.ولا يمكن الحديث عن تعدد ديني، مادام الإسلام واحد.وتم الترحيب بالمكون الأمازيغي للهوية فيما تم التنبيه إلى كيفية التعامل مع المكون اليهودي حتى لا يستغل للتطبيع مع الصهاينة. وعن التعريب وأساليبه والذي أدى إلى حرمان العديد من المواطنين بالشمال ،من استعمال لغتهم الأم،تم التساؤل عما إذا كان ذلك عنوانا لصراع ثقافي.وتم التشديد على رفض استعمال كلمة البربر عوض الأمازيغ
وحول المخاطر المحدقة بالمآثر والمعمار بالجهة،بشكل عام تمت إثارة مسؤولية المؤسسات المنتخبة وطبيعتها ودورها،عن التدبير المفوض،أما الشركات مثل أمانديس فهي تستغل نشاطها من ا جل الربح بالدرجة الأولى.ولا يهمها في شيء المآثر والتراث بشكل عام .
وأثير دور الجامعة في التعريف بمجموعة التراث بكلية تطوان،واستثمار إمكانياتها خارج الجامعة،و مصير بعض المشاريع بالمدينة(مشروع الغرسة الكبيرة).
الردود
د.أشهبار
أثار مسالة التخوف من الثقافة اليهودية،وربطها بالتطبيع،واستدل بمقولة يهودي مغربي من طنجة شوري كان يرفض ارتباط مصالح اليهود بالمستعمر،وهجرتهم بعد خروجه.فهؤلاء مجبرون على التفكير في العودة إلى بلدهم.وأكد أن الآلاف من اليهود المغاربة من أبناء الشمال بالقارة الأمريكية يناقشون ما نناقشه نحن الآن.ففي التراث الأمازيغي هناك نصوص تاريخية، بكتابة عبرية،فالتصالح مع التراث،يعني الإقرار بالتعدد داخل الوحدة.
ولم يرى حرجا في استعمال كلمة بربر للدلالة على الأمازيغ واستدل باستعمالها من طرف العديد من الكتاب والباحثين الأمازيغ مثل ابن خلدون.
ووضح بان المقصود بالتدين الشعبي هو الوعي الذي يتمثله المواطن الريفي من حيث التدين،وهو طبقات ترسبت عبر حضارات مختلفة مثل تقديس الجن،والأشجار، وينابيع المياه، التي ينظر إليها الإسلام كبدع، والوشم المستساغ و المنتشر بالريف رغم تحريمه من طرف الديانات السماوية. وتميزت الزوايا في شمال المغرب بإعطاء الولاية للمرأة عكس الزوايا في المشرق،فهناك العديد من المزارات لصالحات في العديد من المناطق الشمالية كما أن المغرب بصفة عامة شهد انتشار مذاهب إسلامية تختلف عن المذهب الرسمي الحالي وتساءل عن أي شكل تدين نريد.إذ عندما نتحدث عن خصوصيات الشمال نتحدث عن الخصوصية الدينية.
أما عن المقاومة بالشمال فهي ضاربة في القدم،تشتد كلما كان هناك تهديد خارجي،ومنها مقاومة أواخر القرن 19 وبداية 20 .ورفض استعمال كيان ريفي لأن هذه التسمية تحيل على الفرض بالقوة.واعتبر التعددية داخل الخصوصية الجهوية تعطي إمكانية الاختلاف ،لكن مع ضرورة وجود الحرية الفكرية.
د بن عبود.
في معرض رده أوضح بان هناك عدة محاولات للبحث وتقديم تراث مدينة تطوان العتيقة ،من خلال منشورات وأقراص مدمجة ومواقع الكترونية.وقد تم على المستوى الأكاديمي إحداث ماستير للتراث له صيت عالمي ،وتخرج العديد من الموظفين ساهم في المحافظة على التراث وإعطائه الأهمية التي يستحقها،إلا أنه لازال هناك نقص في التعاطي معه من طرف المسؤولين،وضعف الاهتمام بالعديد من المشاريع التراثية،كعدم تدشين متحف الفن المعاصر،وغياب التنقيب في العديد من المواقع الأثرية ودعا إلى مساهمة المجتمع المدني ،وإشراكه في صون تراثه والدفاع عنه والى إصلاح إداري وتغيير المسؤولين الذين انتخبوا من أجل التغيير.فالتراث بشكل عام ،والمعماري بشكل خاص بالشمال له مميزاته عن المناطق الأخرى ،فالزليج الشمالي القديم مثلا ،يختلف عن الفاسي رغم مصدرهما الأندلسي وعن أي زليج آخر،في المغرب من حيث الأحجام ،والأشكال،والألوان،وطبيعة التحضير...
ذ أشمال
أشار إلى أن مداخلته جاءت من أجل إثارة الأسئلة حول الخصوصية الثقافية، أكثر منها إجابات،وأن طرح السؤال بشكل جيد يفيد كمدخل أساسي للبحث عن الإجابات وكدافع ضروري للتنقيب في الخصوصية ،وإمكانية وجودها،وتوفر شروطها.
د.أمحرف
أكد على أن زراعة الكيف بالجهة أدى إلى تحولات في جميع الجوانب،كالتمثلات الثقافية ،فهناك أدب شعبي مرافق لظهور النبتة ،وتطورها، وأمثلة شعبية مرتبطة بها،وتغير في القيم كالعملية التضامنية(التويزة)التي أدمجت في عملية زراعة الكيف وجمعه والذي لم تكن له أهمية اقتصادية تذكر في البداية، إذ كان يقايض بمواد استهلاكية أخرى،إلا أن ظهور الأداء النقدي في الأجر، والذي لم يكن متداولا قبل دخول الاستعمار الاسباني، سيبرز معه مصالح شخصية وفردية قضت على قيم التضامن خاصة بعد استخراج الشيرا من نبتة الكيف،وظهور طبقة من المتاجرين فيها راكمت رؤوس أموال استثمرتها في مناطق أخرى خاصة بالمدن.وعن تحريم هذه النبتة من طرف عبد الكريم الخطابي فقد استند فيها إلى روايات شفوية فقط،،أما اختيار الريف لزراعتها فان الظروف المناخية والطبيعية هي المسؤولة عن ظهور النبتة بالمنطقة.
واعتبر الربط بين الريف والتهميش والإقصاء،هو وصف لواقع موجود بدأ مع الاستعمار الاسباني الذي هو أصلا استعمار متخلف ،واستمر ذلك ما بعد الاستقلال في إطار سياسة العقاب الجماعي،وهناك اعتراف رسمي بذلك ومحاولات التعويض عن فترات التهميش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق