السبت، 17 مارس 2012

رسالة مفتوحة إلى الجمعية الوطنية لحملة الشهادات العليا المعطلين بالمغرب – المكتب المركزي

حنان ادغوغي

dgh_hanane@hotmail.fr

في تاريخ 2011/01/02، التحقت بالجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، بعد إيماني بأن الحق في هذا الوطن الجريح لا يعطى ولكن ينتزع انتزاعا، وطبعا بعد قناعتي بمبادئ الجمعية ونضالاتها المشروعة في الحق في الشغل وفي الحياة الكريمة وفي الحماية الإجتماعية وفي غذ أفضل وفي...، دون تمييز ودون بيروقراطية أو محسوبية أو زبونية ، ووعيا مني بضرورة التكتل بصفتي أنتمي إلى الفئة المهمشة والمعطلة التي تعاني الفقر والبطالة والحرمان من أجل كسر جدار الصمت الذي طوقت به الجهات المسؤولة فشلها في إحلالها لسياسات عمومية تحمل بذور الفشل منذ ولادتها تبتغي من ورائها تهميشا أكثر للفئات المهمشة والمعطلة وإثراء على حسابها وعلى حساب معاناتها وآلامها...

التحقت كما التحق العديد من المعطلين والمعطلات توحدنا رغبة واحدة تتجه صوب الدفع بعجلة الحركة النضالية للجمعية وفك عزلتها وقطع سباتها الذي طال عن الحد اللازم، والذي امتد إلى ما يناهز العشر سنوات، وكذا فك الطوق عن الجمعية الوطنية – فرع طنجة – وإعادتها إلى حضيرة فعلها الدينامي والإحتجاجي لتحريك البركة الآسنة التي تغطي ملف الشغل بالجهة بأوحال المخزن الآثم...

التحقنا أفرادا وجماعات يحركنا الأمل في إعادة الهيبة للجمعية وعودة حضورها كمحور أساسي ورئيسي في ملف التشغيل بالجهة، وفي جعلها شريكا أساسيا في السياسة التشغيلية بالجهة أيضا، خصوصا وأن مدينة طنجة بها من المناصب ما يتسع لجميع المعطلين والمعطلات أبناء الفئة المهمشة والطبقة المسحوقة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. توحدنا أخلاقيات المناضل، ويجمعناالإحساس بالغبن والإستغلال الذي يمارسه هذا النظام المخزني المقيت في حقنا. توطدنا الثقة النضالية السائدة بين مناضلي الجمعية الوطنية...

أخذنا الحماس المنبثق من انكساراتنا وخيبات أملنا في الحلم بغذ أفضل تسود فيه المساواة، وتختفي فيه كل أشكال الميز الطبقي الذي يسود مجتمعنا، في الدفع باتجاه تسطير برنامج نضالي حقيقي وخطة نضالية محكمة تضعنا في قلب اهتمامات الجهات المسؤولة محليا وجهويا ووطنيا، حتى لو اقتضى الأمر التضحية بذواتنا المنهوكة اجتماعيا والمسحوقة اقتصاديا، والتي لا نملك سواها في وطن ليس للجميع بل للفئة المحظوظة فقط، أو بالأحرى الفئة صاحبة الشعار "المغرب لنا..لا لغيرنا".

أحبطنا في البداية من طريقة تعاطي مكتب الفرع المحلي مع توجهات قواعد الجمعية، وأحبطنا من طريقة تدبيره لملف المعطلين والمعطلات الذين وضعوا كامل ثقتهم في المكتب المحلي للجمعية إيمانا منهم بوحدة الملف المطلبي والمصير المشترك لكل مناضلي الجمعية، لم يزدنا هذا إلا اتقاضا في جذوة الإصرار على الخط الذي نود تسطيره بدمائنا الزكية الطاهرة، واعتبرنا أنها مسألة وقت ليس إلا.

صرنا نلتمس لمكتب الفرع المحلي الأعذار ونجد له مليون سبب لتبرير موقفه من أو بالأحرى هروبه إلى الأمام.. قلنا أنه مازال يجثم على صدره ثقل عشر سنوات ونيف من الركوض.. قلنا أنه لم يفق بعد من الصدمة، صدمة هذا الإلتحاق المكثف للمعطلات والمعطلين، أو لم يستوعب بعد كونه صار بهذا الحجم من الكبر.. قلنا أن الفرع غير مؤهل بعد لخوض المعارك.. قلنا كل هذا وأكثر، حتى صدقناهم وقلنا آمين، واحترمنا فوق كل هذا مناضلينا في المكتب المحلي، والذي لم يكن ليرقى إليهم الشك، وراعينا إحساسهم وشعورهم في غياب الجرأة والشجاعة النضاليتين، وأكبرنا بإجلال صمودهم في جعل الفرع المحلي يحيى كل هذا الوقت، ولو في صمت وداخل أربعة جدران منزوين إلى الظل يعيشون على أطلال الجمعية وتاريخها التليد، وقلنا يكفيهم شرف هذا الصمود ولو كان مغموسا بالذلة والمهانة والإحساس العميق بالإستصغار، استصغار ذواتهم واحتقارها.

احترمنا كل هذا وتحملنا كل انفاعالاتهم، التي كانوا من خلالها يحاولون إخفاء مدى خزيهم وعارهم التليد، وتجاوزنا كل توتراتهم وامتناعهم عن الإستجابة لقواعد الجمعية..، مراعاة منا لحالتهم النفسية المتأزمة. لكن صبرنا هذا فهم على أنه غباء منا، أو ضعف من جانبنا، أو هو حتى جبن ماداموا ينظرون من منظار ذواتهم إلى الأمور، وصاروا يكيلون لنا الصدمات تلوى الأخرى...

بدأوا، طبعا بعد إصرارنا على أنه لا محيد لنا عن تسطير خطة واستراتيجية نضالية، والتي كانت دائما محطة لأحداث تبكي القلب وتضحك الشَمات مما حال إليه الوضع في كل جمع عام، وصارت فرصة لتذكيرنا بنضالهم الذي خبت جذوته منذ أمد أميد، ومناسبة لممارسة تجذرهم على المناضلين الشرفاء في نرفزة تارة، وفي صراخ هستيري تارة أخرى يغطون به عن شعورهم بالنقص الحاد. يفتعلون أبسط الأسباب ليثيرو الشجارات داخل الجموعات العامة ليوتروا الأجواء بنهيقهم وزعيقهم الذي أصبح وسيلتهم في الهروب إلى الأمام من تشبثنا بضرورة النضال الحقيقي...

أعقبها بعدها خطاب جديد على كل مناضل جرب النضال الحقيقي، من تهديد بالطرد من الجمعية تارة، وبتفعيل القانون الداخلي تارات أخرى.. صاروا يتهربون من أسئلتنا المرتبطة بملفنا المطلبي بوجود أسباب أو بدونها، وغالبا ما كان يثير حفيضتهم، وكأنهم متهمين مع وقف التنفيذ. بدأنا نكتشف مع مرور الوقت.. نكتشف ممارسات جديدة، بل غريبة ومشينة في الآن ذاته، في الفعل النضالي، وفي الأخلاقيات التي يجب أن يتوفر عليها كل مناضل شريف وحقيقي، من كولسة ومفاوضات مشبوهبة مع جهات مسؤولة، فردية وجماعية للمكتب المحلي بمعية بعض زبانيته ممن محسوبين على قواعد الجمعية.

بدأوا يقررون أشكالا نضالية محتشمة، تثير الكثير من الأسئلة لدى المعطلين والمعطلات وحتى عند كل متتبع لمسار الفرع المحلي للجمعية.. أشكال تقرر بانفرادية أو بالأحرى بـ "الممارسة الديمقراطية" المغيبة في أحسن الأحوال.. ترفع أشكالها "النضالية" فجأة وبدون سابق إنذار.. غموض لم يكن ليجيبوا عنه بوضوح، أو حتى بإجابات ملتبسة، لكن اكتشفنا أننا كنا حطبا لنار مصلحيتهم المفرطة ولأنانيتهم الذميمة، يستعملوننا من أجل تحريك مفاوضاتهم المشبوهة و المتعثرة أو المبتورة والغير منتظمة مع جهات كانت تود من خلالهم أن تكسب مزيدا من الوقت حتى تمر العاصفة، عاصفة الحراك الإجتماعي.

لقد شكلوا لوبيا داخليا، واستغلوا الموارد البشرية والمادية للجمعية وتحويلها لخدمة أغراضهم ومصالحهم الضيقة، كما استغلوا الحراك الإجتماعي، والذي لم يكونوا يتعاطون معه إلا بانتهازية صارت بذكرها الركبان

طرد أول من حاول فضحهم، فصاروا قساة القلب، قسوة تضاهي قسوة هذا المخزن الذي نسبه كل حين، وصاروا بعدها لا يستحيون من أن يعرَوا عن نواياهم في عجرفة لم يعهدها أي مناضل حقيقي ذو مبادئ راسخة لا يغيرها تقلب الدهر، وعبروا عنها دون قطرة خجل أو استحياء بـ "الوظيفة لنا.." ولكم الجمعية تقاسموها أو بيعوها في المزاد العلني، مثل ورثة يشيعون فقيدهم وهم يقتسمون الميراث قبل أن يجف دمه.

كنا مستعدين لتحمل كل أشكال الإضطهاد والتهميش والإقصاء.. كنا أيضا مستعدين لمواجهة شبح البطالة أمد الحياة.. كنا على استعداد تام لتقديم أرواحنا التي نملكها زكية طاهرة افتداء لقناعاتنا في أن نعيش بكرامة أو لا نعيش.. كنا مستعدين...، لكننا لم نكن مستعدين لتحمل خنجر في الظهر من إخواننا في "النضال"، من رفاقنا في الدرب.. أحسسنا كم كنا مغفلين، أو بالأحرى مستغفلين، لما وضعنا ثقتنا في "مناضلين" لا يختلفون في وسائلهم ونهجهم عن المخزن في فرض خياراتهم المصلحية الإنتهازية وفي استغفالهم للجماهير الشعبية بدموعهم التمساحية، ولقواعد الجمعية ببكائهم الحريمي على تاريخ عاشوه في مخيلاتهم حتى تراءة لهم نبوءة وضاءة.

بدأت الإنسحابات تشتعل باستنكارات مكتوبة من البعض وفي أنفسهم شيئ من الإحتقار لمشهد لم يعد صالح حتى للفرجة وتسلية الأطفال، وفي لامبالاة البعض، وكأن بهم اعتادوا وجود مناضلين انتهازيين من هذه الطينة، وفي استعلاء من البعض الآخر لرفضهم مجادلة الجاهلين الجاحدين بقيمة القيم الإنسانية النبيلة, وترفعا عن النزول إلى هذا المستوى من الأخلاق النضالية، واستمرار فئة أخرى في تحمل كل هذا اللغط وهذا الموت البطيئ داخل قواعد الجمعية أملا في أن تهب رياح التغيير كما هبت على أنظمة صارت اليوم من الماضي السيئ للشعوب، كما فعلت أنا على مضض، حتى خلت نفسي قادرة على تحمل هذا "الزفت". لكنني لم أتحمل أن أجد نفسي موضوعة على مائدة اللئام، كما لم أتحمل تلاعبهم في لائحة التنقيط وهي اللائحة التي كانت تستنفرهم بشكل غريب كلما سئلوا عنها، هذا إن لم يتعرض صاحب السؤال لوابل من الشجب والتوبيخ والإستنكار وحتى للسب أحيانا، كما حدث معي. لقد أرعبني هذا اللؤم وهذا الخبث من الممارسات، وكل هذه الدسائس التي تعتمل في الجسم الديمقراطي بطنجة، مع استثناءات طبعا والإستثناء لا يعتد به كما تقرره القاعدة المشهورة، حتى وصلت بهم البجاحة إلى حد ترتيب زبانيتهم ومناصرهيم وحوارييهم في المراتب الأولى، وقهر ما تبقى من مناضلي الجمعية، حتى يقطعوا عنهم الطريق من أي توظيف مباشر، كما فعلوا معي وتعويض مرتبتي بـ "مناضل" كنت أجله قبل أن تنفضح أموره مأخرا وتتداوله الألسن بغير أي احترام يذكر، لن أستحيي إن سميته بالإسم، لكنني لن أدنس رسالتي باسم صار من مجموع الموبقات التي تزكم أنوف المناضلين الأشراف البررة، تحت مباركتها، وكيف لا وهم الذين فاوضوا خفية وقدموا تنازلات.

تحملت على مضض كل هذا.. لكن لم أستطع أن أتحمل عذابات الضمير دون أن أثير ما يعتمل داخل إطارنا العتيد، والذي قدم شهداءا دفاعا عن الكرامة والحرية والمبادئ، وفي سبيلها مازال مناضلين يقدمون أرواحهم زكية طاهرة سيرا على درب الشهداء وكل المناضلين الشرفاء الأحرار.

قد تبدوا مراسلتي فيها من التذمر والحنق ما لا يقبله أحد، لكنني أردتها أن تكون عبرة لكل الذين يقتاتون على مآسي المعطلين والطبقة المهمشة وباسم الجماهير الشعبية.. أردتها أن تكون الآلة التي تستأصل بها الجمعية هذا الورم الخبيث وتبتر الأعضاء الفاسدة قبل أن يدب السرطان في كل أنحاء جسد الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلة بالمغرب، وتقطع الطريق على الصراصير من أن تتسلل بيت الجمعية التي تخوض نضالات شريفة في مجموعة من الجبهات بوطننا العزيز، واحترازا لكل ما قد يعلق بتلابيبها من دنس هؤلاء.

وأخيرا حتى لا أطيل، أبتغيها رسالة لكل الذين تسول لهم أنفسم استغفال المعطلين والمعطلات، وسنحولها إلى عرف تنبني على ثقافة الفضح، فضح كل الممارسات المشبوهة داخل إطارنا التليد، حتى لا يفكر أي من مثل هؤلاء اللعب بمصير زملائه المناضلين والمناضلات.


هناك 4 تعليقات: